جيش الوسوف الحرّ

“بالروح بالدم نفديك بو وديع…بالروح بالدم نفديك بو وديع…بالروح بالدم نفديك بو وديع…”

صرخها “ابو جورج” من دون كلل او ملل حتى استوت بحّة صوته وشعر انه توحّد روحياً مع ابو وديع. كان أبو جورج،  الذي يعمل ليلاً كفاليه باركينج في الجميزة، اول الواصلين الى مطار بيروت الدولي صباح ذلك اليوم. فـ”حسين” ابن الضاحية الذي اعتاد شباب المنطقة على مناداته بـ “ابو جورج” قد اقسم انه عندما سيتزوّج من بنت الحلال، سيسمّي ابنه “جورج” تقديراً لعطاءات الوسوف الذي اطرب الملايين لأكثر من ثلاثين عاماً.

اصطحب ابو جورج معه في سيارته شلّة من الشباب الاشاوس الذي يشكّلون ما بات يُعرَف بـ “جيش الوسوف”، وهو جيش من الشباب اللبنانيين من مختلف الطوائف والمناطق المناصرين لسلطانهم…سلطان الطرب جورج وسوف (حفظ الله بحّته). وكان ابو جورج قائد كتيبة الشياح/الغبيري في جيش الوسوف.

لم يكترث ابو جورج لأي ضرر قد يطرأ على سيارته الـ بي ام دبليو بوز وطواط نتيجة ركوب 7 اشخاص فيها. فبعد رضا الله ورضا الوالدين، ابو وديع اولوية عند ابو جورج، ولا يمكن للـ بي ام دبليو ان تتفوّق على معزّة ابو وديع. فما قامت به الشرطة السويدية الاسبوع الماضي لا يمكن السكوت عنه. فحين احيا ابو وديع في العاصمة السويدية ستوكهولم حفلة غنائية، اوقفته الشرطة السويدية بتهمة حيازة مواد مخدّرة. وهي تهم باطلة اصلاً وهي بالتأكيد عمل قذر تعاونت فيه اجهزة استخبارات عالمية و”مطربين فاشلين.”

تدلّت رؤوس الشباب، كما موسيقى ابو وديع من نوافذ السيارة وهم يسرعون على طريق المطار حتى وصلوا الى حاجز الجيش اللبناني عند مدخل المطار. وأذ بالشباب يعيدون رؤوسهم الى داخل السيارة. يتوقف ابو جورج امام الجندي ويقول له مع بحّة تُشبه بحّة ابو وديع:”يعطيك العافية وطن.” فيسأل الجندي “شو عندكن شباب؟”. يجيبه ابو جورج بكل فخر:”جايين نستقبل ابو وديع ونقلّو الحمدلله عالسلامة.” فأبتسم الجندي واشار لهم باكمال سيرهم. كان هذا المجنّد عضواً ايضاً في جيش الوسوف -كتيبة عكّار.

تزداد اعداد المناصرين والمحبّين امام المطار في انتظار سلطان الطرب وترتفع يافطتان كتب على الاولى “انت غيرهم” وعلى الثانية “ابو وديع خط احمر”. يشعل ابو جورج سيجارة ليزيد البحّة صلابة ويقول امام باقي رفاقه محاولاً اسماع الجميع:”كان على حقّ ابو وديع حين غنّى “زمن العجايب”. ما هي مشكلة السويديين؟ يريدون ان يقفوا ضد التخدير؟ يريدون ان يسكتوا ابو وديع؟ يريدوننا ان ننتحر كما يفعل شباب السويد حيث اعلى نسبة انتحار في العالم؟ نحن اولاد ناس. نتخدّر على موسيقى ابو وديع. ابو وديع “قلوب الناس يداويها”. ابو وديع يداوي جراحنا من طعنات الحياة. هو يفهمنا ويغنّي لنا. هو كل ما لدينا. الم يقل”شافوني قالو متهني من كتر الفرح بيغنّي”؟ الم يقل “كلام الناس لا بيقدّم ولا يأخّر”؟ لن يتمكّنوا من ايو وديع، الختيار كما الرضيع، كلنا ابو وديع. وعلت الهتافات الغاضبة: “يالروح بالدم نفديك بو وديع!”

وبعد لحظات قليلة، يظهر ابو وديع امام احبّائه من بعيد ليؤدي لهم التحية ويرسل لهم القبل واحدة تلو الاخرى. فترتفع الهتافات واعلاها صوت ابو جورج اكثر وأكثر فداءً للسلطان. فأغاني أبو وديع رافقت ابو جورج طوال سنين عمره. رافقته في مراهقته، في سيارة البي ام دبليو، في سَكَرِه وفي عمله. رافقته على كورنيش المنارة وازقّة الحارة. رافقته مع كل تجاربه العاطفية وصداقاته وازماته المادية والمعنوية، في لحظات الوحدة، وجلسات الاحبّة. عبّر ابو جورج عن نفسه عبر اغاني أبو وديع. عبّر عن كرهه لكلام الناس المزيّفين وغدرهم، عن تعبه من اليأس المتواصل. عبّر عن يأس من حياة مستمرّة على حافة الحياة.

فإذا كنت تشارك حسين ابو جورج نفس الشعور، فانضمّ الى جيش الوسوف الحر.

5٬548 مشاهدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *