منحط دركي لكل سيارة؟

غرفة التحكم المروري
غرفة التحكم المروريع

 

هذه المدونة ليست مساحة لـ”لنق”، والنص الآتي يُقصد منه النقد سلباً.

#منحط_دركي_لكل_دركي؟

أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي منذ اقل من سنة انشاء “غرفة التحكم المروري” لمتابعة أحوال الطرقات اللبنانية، وربطت الغرفة بحساب على موقع “تويتر” مربوطٌ ايضاً بصفحة على “فايسبوك”. وفي حين كان ينشر الحساب صور التقطتها كاميرات المراقبة وهواتف عناصر الدرك على الطرقات، ليعيد تغريدها مستخدمو موقع تويتر، كان المواطنون أيضاً يلتقطون صوراً لزحمة السير أينما وُجدوا، لتعيد غرفة التحكم تغريدها.

إذا دل الحساب على نشاط ما، فهو أقرب الى “وكالة الأنباء” أكثر منه الى “التحكم” المروري. وزد على ذلك أن غرفة التحكم المروري بدأت بإستخدام هاشتاغ #منحط_دركي_لكل_سيارة، كتعبير آخر عن عدم قدرة الدولة على إدارة البلاد، وكأنهم يطلبون من المواطنين القيام بمبادرة “أخلاقية” للقيادة بطريقة أفضل.

إلا ان عبارة “منحط دركي لكل سيارة” استفزت البعض. وهؤلاء “البعض” يُمثلون أكثرية ترى بأم العين يومياً مخالفات القوى الأمنية. فكيف يطالب مخالف القانون بتطبيقه؟، وأين العدل في مجتمع كهذا؟.

ينشر احد المواطنين على “تويتر” صورة تظهر فيها شاحنة لقوى الأمن الداخلي مركونة على الرصيف قرب سراي جونية، مذيلة بهاشتاغ “منحط_دركي_لكل_دركي ؟”

وفي صورة أخرى تظهر سيارة جيب تابعة لقوى الأمن الداخلي “تُعربش” على الخط الفاصل وسط الطريق السريع.

غرفة شايف حالك؟

لم يقدم حساب “مركز التحكم المرروري” على تويتر، أو حملة “منحط دركي لكل سيارة” أي جديد بما يخص أزمة الطرقات اللبنانية وزحمة السير والأشغال. إذ أن فتح حساب على تويتر وإعادة تغريد حادث سير هنا او زحمة سير هناك هي أفعال لا تعالج المشكلة. بل هي وسيلة أخرى لإلهاء المواطن، لتتحول المشكلة الى موضوع ترفيهي.

والمشكلة يا أحبائي هي أننا منذ عام 1990 لم نرَ يوماً واحداً “دولة القانون”. ومنذ العام 1990 لم تُعَبَد طريق في لبنان الا وأتت من بعدها مباشرة أعمال الحفر لتوسيع مجاري المياه او المجارير. ومنذ العام 1990، لم نرَ وزيراً في الدولة يحمل حقيبة ويحترم القانون والموقع الذي يمثله. ومنذ ذلك الوقت لم نرَ جسراً او نفقاً لم يتطلب إنجازه أقل من 3 سنوات (إسألوا بشارة الخوري عن النفق الذي لم ينته بعد)، ومنذ ذلك الوقت لم تقدم الدولة وسائل نقل عام وحافلات تخفف من زحمة السيارات الخصوصية على الطرقات.

ومنذ العام 1990، لم نرَ مبادرات حكومية الا وكانت على شاكلة غرفة التحكم المروري.

ومع إحترامي لمبادرتكم ومحاولتكم التقرب من المواطن والتفاعل معه. إلا أن حملة “شايف حالك” التي أطلقتها “المؤسسة اللبنانية للإرسال” منذ فترة لم تغير شيئاً هي أيضاً. وستحصدون نفس النتيجة كونكم تستخدمون الأسلوب نفسه مع “منحط دركي لكل سيارة.”

وإذا كانت الدولة رمزاً للقانون والواجبات، فهي غائبة في بلدنا. ومن يبادر على المستوى الفردي بوضع حزام الأمان أو إحترام إشارات السير يستحق ان يكون رقيباً ايضاً على المؤسسات الرسمية، وحينها، يحق لنا أيضاً أن نطلق هاشتاغ #منحط_مواطن_صالح_لكل_شرطي_فاسد.

كيف نرضى بأن تنشر غرفة التحكم المروري صورة لـ”قطع طريق المنكوبين” في طرابلس من قبل زعران، على أنها حدث عادي؟ كيف نرضى بأن تتحول مؤسسة واجبها الأساسي فرض القانون، الى مؤسسة تصور المخالفات وتنشرها فحسب؟

 اذا كنتم صادقين حقاً في حل مشكلات الطرقات اللبنانية وزحمة السير، أرجو ان تجيبوني على هذه الأسئلة:

– من المسؤول عن المخالفات التي يقوم بها عناصر الدرك خلال دورياتهم (من نوم خلال الدورية أو اللعب على الواتساب خلال مناوبات الحراسة)؟

– من المسؤول عن الزحمة التي تنتج عن أعمال الحفريات (مجارير وغيرها) يومياً، مراراً وتكراراً، وفي نفس الأمكنة؟

– من المسؤول عن عدم تشغيل أعمدة الإنارة على الطرقات ليلاً، لا وبل تشغيلها في وضح النهار؟

– من المسؤول عن مماطلة المتعهدين في تنفيذ المشاريع مثل الجسور والأنفاق والتي تمتد لسنين وسنين؟

– من المسؤول عن غياب حافلات نقل عام فاعلة تحترم المواعيد ولا تخاف من “مافيات” شركات النقل الخاص؟

الطرقات وأحوالها ليست قضايا هامشية. فهي من أكثر القضايا إلحاحاً والتي نلاحظها يومياً ونعاني منها، بالإضافة الى مشكلة انقطاع التيار الكهربائي. تخيّلوا معي لبنان من دون زحمة سير خانقة ومن دون انقطاع التيار الكهربائي…تخيّلوا.

 

3٬411 مشاهدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *